الخميس، 9 يونيو 2011
الأحد، 12 أبريل 2009
نـبذة عن الفنان

د. فرغلي عبد الحفيظ :أناضل لتحرير التشكيل من سطوة التكنولوجيا
القاهرة - أحمد فوزي
بأجواء مشبعة بالروحانيات يعبق عالم الفنان التشكيلي المصري د. فرغلي عبد الحفيظ في معرضه الجديد في قاعة الزمالك للفن «اسطنبول»، حيث يواصل الفنان تجربته الثرية في تأمّل المدن ورصد ملامحها بالألوان والفرشاة. «الجريدة» التقت عبد الحفيظ في حوار حول معرضه وعلاقته بالمكان.
أوجدت حالة فنية فريدة في العالم العربي من خلال اهتمامك بالمكان ورصد مظاهره.
المكان بالنسبة إليّ مهم جداً لأنه يحوي عناصر الحياة البشرية من تاريخ وجغرافيا وروحانيات، وتتعدد عناصره ومفرداته وشخصياته النابضة بالحياة. كذلك يحمل المكان قيماً ومعارف وعادات وتقاليد أثّرت في الإنسان وتأثرت به وبالمتغيرات المختلفة.
المكان هو نتيجة تفاعل البشر والمادة والعمارة والثقافة، ومن هنا تتمتع كل مدينة بمذاق خاص وطابع معيّن وحالة فنية فريدة، تتغير بتبدّل المكان. ومن هنا جاء اهتمامي برسم مجموعة معارض يتناول كل منها مدينة معينة أرصد من خلالها لوحات خاصة تظهر المتغيرات والوجوه والمشاعر كما انعكست على وجداني.
ماذا تمثّل لك المدن التي خصصت لها معارض خاصة؟
كل مدينة تناولتها في لوحاتي وأقمت لها معرضاً خاصاً تمثّل علاقة روحانية خاصة وعالماً متكاملاً منفصلاً، وكل معرض يتناول حالة خاصة، بما تحتويه من عمارة وأزياء وأماكن وانطباعات، ما يوفّر لي فرص التعامل مع عناصر ومقامات وأبعاد جديدة تشكّل عناصر المعرض ومفرداته ومكوناته.
كم استغرق الإعداد لمعرض «اسطنبول»؟
المعرض نتاج رحلة معرفية وبصرية بالمكان، فقد أقمت عامين في هذه المدينة، عكفت خلالهما على تسجيل انطباعاتي حول المكان مع الاهتمام بجوهر الإنسان فيه، وخلال هذان العامين جهزت لهذا المعرض وما يحويه من عناصر روحانية ومفردات بشرية ومعمارية ثم عدت إلى القاهرة.
هل صاحب رحلة تأمّل المكان إلمام معرفي به؟
بالتأكيد، فأي معرض عن المدن لا بد من أن تسبقه قراءة جادة ومفصّلة عن تاريخ المكان وجغرافيته، وفي معرض «اسطنبول» قرأت عن سلاطين بني عثمان والخلافة العثمانية حينما كانت اسطنبول هي مقر الخلافة، وعن مصطفى كمال أتاتورك والتغيير الذي أدخله على الحياة التركية، فالقراءة والاطلاع على الأحداث التاريخية والتأثير الجغرافي مسألة مهمة جداً لمعرفة الأماكن التي يحتك بها الفنان.
المكان هو الذي يفرض المعاملات الخاصة به والأسلوب الفني، مع التأكيد على أن الأسلوب الفني الخاص بالفنان في أي معرض يكون واحداً في أعماله كافة، لكن ما يتغير هو رسالة اللوحة، فلكل واحدة رسالة خاصة وبحسب الأخيرة يتحدد اللون والشكل وبقية العناصر، وتتحدد الرموز الإنسانية المرتبطة بمعانٍ اجتماعية وإنسانية وكونية.
هل ثمة مدن أخرى تنوي رصدها وتسجيلها في أعمالك المقبلة؟
طبعاً ثمة أماكن أخرى، لكني لم أحدّدها بعد، وأنا مستمر في حواري مع الأماكن والتاريخ، وما زلت أواصل التنقيب عن كنوز روحانية في أماكن ومدن وبلدان شيّدها بشر معاصرون وقدماء.
ماذا عن أبرز التفاصيل التي تتأثر بها فترصدها في لوحة تشكيلية؟
تحرّكني وتثير انفعالي مجموعة من الأمور تتبادل مواقعها من حيث الأهمية، أبرزها الطبيعة، وهي بالنسبة إلي لا تُختصر بالمنظر الطبيعي، بل بالحياة كلها، خصوصاً بمعانيها الإيجابية: المحبة، البطولة، التخطي، التجاوز، التواصل، الإقدام، التآلف، العزيمة، الشجن، الانطلاق والتفاؤل. هذه هي الحياة التي أعشقها وأتفاعل معها.
هل تكتسب خبرات جديدة مع كل معرض؟
طبعاً، أكتسب رصيداً تراثياً إنسانياً في كل معرض أتناول فيه مدينة معينة، حيث التقاليد والعادات والتاريخ والعمارة، وهي عوامل توفر أمام الفنان فرص الاكتشاف والدخول في أغوار مناطق جديدة، بالإضافة إلى إمكان التحاور والتعامل مع المكان والتوحّد مع مكوّناته الحضارية والتعرّف على أعماقه وجذوره، ما يفتح منابع إلهامية من نوع آخر...
ما هي رسالة الفن في الحياة؟
الفن ليس تزييناً للحياة بل رسالة للتقدم الإنساني، فهو يمثل منذ القدم قيمة حضارية ودليلاً للرقي والنهضة البشرية، إذ لا تجد حضارة مزدهرة إلا وكان الفن أحد عوامل نهضتها. يحتاج الفن اليوم إلى دفعة في اتجاه الروحانيات.
نلحظ اهتمامك بالروحانيات في إبداعك الفني، هل نعتبر ذلك رسالة من الفنان ضد التجارب المادية في الفن؟
رسالتي هي النضال في سبيل تخليص الفن التشكيلي من سيطرة التكنولوجيا، التي لا تشبع الروح ولا تثير تفاعلاً أو مشاعر لدى المتلقي، لذا لا بد من الاهتمام بالجانب الروحي وليس المادي. أؤكد أن ما طرأ على الفن التشكيلي خصوصاً والفنون الجميلة عموماً ضرب مبرح ضد الجماليات لأن التجارب المادية تعمل على إعاقة الالتقاء بالذات بسبب انسحابها إلى كل ما هو تكنولوجي أو رقمي.
نبذة
• أحد رواد الفن التشكيلي المصري. من مواليد مركز ديروط في محافظة أسيوط بصعيد مصر في عام 1941. اجتذبه عالم الفن التشكيلي منذ الصغر فالتحق بكلية التربية الفنية وفور تخرجه في عام 1962 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عيِّن معيداً بالكلية وسافر في بعثة دراسية بأكاديمية الفنون الجميلة بمدينة فلورنسا الإيطالية في عام 1964. عاد بعدها في عام 1968 ليواصل مسيرته العلمية والفنية في وطنه، فكان العميد في كلية التربية الفنية بين عامي 1989 و1994 وهو الآن أستاذ التصميم في الكلية نفسها.
• أقام على مدار نصف قرن معارض فنية عدة في مصر والدول العربية ومعظم الدول الأوروبية، ونال جوائز عدة من مصر ومختلف دول العالم.
• تتميز أعماله الأخيرة برصده المدن (القاهرة، فلورنسا، أسوان، الإسكندرية، البتراء، لندن) في تجربة جمالية وروحية فريدة مليئة بعبق التاريخ والروحانيات. ويأتي معرضه الأخير «اسطنبول» حلقة جديدة في سلسلة معارضه عن المدن وتأثره بها وتوحّده مع مكوناتها.
إســطــنــــبـــول ___ بريشة الفنــان د. فــرغلي عبد الحفيظ
******
******
الترقب ... الفضول ... المتابعة الحثيثة ... كانت هذه هي الأحاسيس التى سيطرت و هيمنت علي نواميس اللقاء الأوّل بينى و بين مدينة اسطنبول التركية ، المدينة التاريخية العتيقة ... المدينة التى استحوزت علي اللقاء الكونى المتميز الذي يجمع بين قارتي أوروبا و آسيا ... المدينة التي يتراكم فوق أراضيها حضور حضاري شديد التنوع ... فقد تأسست رومانيـاً ثم تحولت إلي مدينة بيزنطية ( مدينة القسطنطينية ) ثم تحولت إلي مدينة إسلامية ... هي اليوم مدينة عصرية عالمية ذات مذاق خاص ... سعيت إليها و تشوّقت للقائها الذي بدأ غامضاً بعض الشئ ... فقد كنت ملماً بقدر من المعارف التى تخص ملامحها البصرية و التاريخية ، إلا أننى لم أكن ملماً أو عارفاً ببواطنها الروحية و لذلك ظللت أتابع التمعن للكشف عن مناظيرها الروحية حتى بعد انتهاء زيارتى لها ، و بعد مرور عامين كاملين بدأت أخاطبها عن قرب ... بدأت أتــَـكـَـشـَّـف مصادر القوة في شخصيتها و أتلقي ذبذبات الشجن الذي يسمح بالتعامل مع معطياتها الفنية ... بدأت أحاورها و أتعامل معها في حضور وهج الجذور المصرية القديمة التى أمتلكها و هنا بدأت اسطنبول تستجيب و يتحوّل اللقاء الغامض إلي فعل جمالي جد دافئ و أخاذ ، و ذابت الحواجز التى كانت تعطل التوحد بين مكوناتها الحضارية المتراكمة ... إنها اسطنبول التركية تـَـخـَـلـَّــقـَت بفؤاد و عيون مصرية عند بدايات القرن الواح و العشرين .
بقلم : د. فـرغلي عبد الحفيظالسبت، 11 أبريل 2009
القاهرة __ شوارع اسطنبول و العودة
لقد قررت إن أرسل عقلي مع فرغلي عبد الحفيظ إلي
اسطنبول و أخشي ألا يعود ، فلتبق حيث أنت يا صديقي ...
سأرفع صوتي كي تسمعنى ..
.. إذ لا معنى أن نضيع نحن الإثنين .
لقد مشيت مع هذا الرجل ضعف ما مشيته خلف أبي طوال حياته !!
إن هذا الفنان يعشق الشوارع بشكل ٍ غريب ، حتى عندما زار فلورنسا
موطن دانتى تعهد الشوارع ، و في القاهرة رافق كورنيش النيل حتى
نهايته ، و وقف علي شاطئ البحر الميت يجس نبضه ، و تولي ساعة
بج بن بالمراقبة للتاكد من دقتها ، و لم يغادر شاطئ الأسكندرية إلا مع
آخر المصطافين .. .. كل هذا في مدخل البناية المقام بها معرضه
بقاعة الفن بالزمالك ... و لمزيد من االشوارع كان عليّ الدخول .
لقد عرفت من أوّل نظرة ألقيتها علي لوحات هذا الفنان أن البشر عنده
سواء .. و أنما هي الأماكن فقط التى تختلف .. لا أدري إن كنت سأتفق
معه في هذا و لكنى نسيت أن أخبرك أنى قد مررت في دخولي
علي حفل ٍ راقص فضلت تركه أن تشغلنى حسناواته عن ملاحظة الفنان..
بل سأفترش هذه الحديقة مع هؤلاء القوم ... أريد التعرّف علي عادات
الأتراك الغذائية و كيف يتعاملون مع الحيوانات الضالة ...
كذلك هناك جرسون يسرع بطعام لا أدري نوعه هناك ...
سأذهب لأري ..!!!... لا لا _ الأفضل أن أسرع خلف فرغلي
عبد الحفيظ ... ها هو ذا يجري هناك !!! سأدع الأغذية لوقت ٍ آخر ...
لقد لحقت به ، إنه ذاهب إلي السوق المسقوف __ أحد معالم اسطنبول
الشهيرة ... تمنيت أن نبق قليلاً هنا إذ بهرنى جمال هذا السوق و لكن
تركي لساقي الفنان قد يعنى ألا أعثر عليه تارة أخري ... هل تسمعنى يا
صديقي ؟ ...لم أتبين إلا ثلاثة متسوقين و مضينا ... ما أكثر السائحون
باسطنبول ... و نحن منهم ... !!! إن الفنان ذاهب لمحادثة هذا الظابط
التركي هناك و الذي يتناول طفله من زوجته ... لا أدري ماذا يريد منه ؟
... سأتعرّف علي مرطبات هذا الساقي
إلي أن يفرغ فرغلي...
هذا الساقي يدعي وجود إحدي عجائب الدنيا السبع
بالقرب من اسطنبول ( ضريح موسولوس )
... هل تري
رقم 7 هذا إلي أسفل اللوحة بالمنتصف ؟ ربما كان الفنان
يعنى هذا به _ أظن هذا _ و لكنه كما ترى قد استخدم أداة هندسية
في كتابته و هذا ممنوع ...
.. و لكنى لم أصرّح له بهذا و لا أنصحك
بمعارضة شخص لم يحلق رأسه منذ سنوات ..
.. إنه الأن يتأمل علم
تركيا الذي تراه بيسار اللوحة __ سأنتهز الفرصة لمعرفة ما هذا
الذي بيد هذا الصغير بحجر أمه ؟
ربما كانت لعبة ... و لكن هذه الفتاة الواقفة أمامهما يتقدمها هلالٌ
و يستقدمها صليب !!!؟ ربما كان الماضي المسيحي لبعض سكان اسطنبول ، و هذا الجالس إلي أحد مقاعد الميدان باللوحة المجاورة و إلي جواره تري لفظ الجلالة مكتوباً من اليسار إلي اليمين _ إنها لوحات جميلة تأخذك إلي عالم ٍ خيالي تتمنى لو كان حقيقياً ، إذ عادة ما يذهب الفنان إلي تجميل الواقع و إن كنت أظن اسطنبول مدينة جميلة بالفعل __ ها قد فرغ الفنان من الظابط و علم بلاده و يبدو أننا سنعاود الإنطلاق

لقد قررت إن أرسل عقلي مع فرغلي عبد الحفيظ إلي
اسطنبول و أخشي ألا يعود ، فلتبق حيث أنت يا صديقي ...
سأرفع صوتي كي تسمعنى ..

لقد مشيت مع هذا الرجل ضعف ما مشيته خلف أبي طوال حياته !!

إن هذا الفنان يعشق الشوارع بشكل ٍ غريب ، حتى عندما زار فلورنسا
موطن دانتى تعهد الشوارع ، و في القاهرة رافق كورنيش النيل حتى
نهايته ، و وقف علي شاطئ البحر الميت يجس نبضه ، و تولي ساعة
بج بن بالمراقبة للتاكد من دقتها ، و لم يغادر شاطئ الأسكندرية إلا مع
آخر المصطافين .. .. كل هذا في مدخل البناية المقام بها معرضه
بقاعة الفن بالزمالك ... و لمزيد من االشوارع كان عليّ الدخول .
لقد عرفت من أوّل نظرة ألقيتها علي لوحات هذا الفنان أن البشر عنده
سواء .. و أنما هي الأماكن فقط التى تختلف .. لا أدري إن كنت سأتفق
معه في هذا و لكنى نسيت أن أخبرك أنى قد مررت في دخولي
علي حفل ٍ راقص فضلت تركه أن تشغلنى حسناواته عن ملاحظة الفنان..
بل سأفترش هذه الحديقة مع هؤلاء القوم ... أريد التعرّف علي عادات
الأتراك الغذائية و كيف يتعاملون مع الحيوانات الضالة ...

كذلك هناك جرسون يسرع بطعام لا أدري نوعه هناك ...

سأذهب لأري ..!!!... لا لا _ الأفضل أن أسرع خلف فرغلي
عبد الحفيظ ... ها هو ذا يجري هناك !!! سأدع الأغذية لوقت ٍ آخر ...
لقد لحقت به ، إنه ذاهب إلي السوق المسقوف __ أحد معالم اسطنبول
الشهيرة ... تمنيت أن نبق قليلاً هنا إذ بهرنى جمال هذا السوق و لكن
تركي لساقي الفنان قد يعنى ألا أعثر عليه تارة أخري ... هل تسمعنى يا
صديقي ؟ ...لم أتبين إلا ثلاثة متسوقين و مضينا ... ما أكثر السائحون
باسطنبول ... و نحن منهم ... !!! إن الفنان ذاهب لمحادثة هذا الظابط
التركي هناك و الذي يتناول طفله من زوجته ... لا أدري ماذا يريد منه ؟
... سأتعرّف علي مرطبات هذا الساقي

هذا الساقي يدعي وجود إحدي عجائب الدنيا السبع
بالقرب من اسطنبول ( ضريح موسولوس )

رقم 7 هذا إلي أسفل اللوحة بالمنتصف ؟ ربما كان الفنان
يعنى هذا به _ أظن هذا _ و لكنه كما ترى قد استخدم أداة هندسية
في كتابته و هذا ممنوع ...

بمعارضة شخص لم يحلق رأسه منذ سنوات ..

تركيا الذي تراه بيسار اللوحة __ سأنتهز الفرصة لمعرفة ما هذا
الذي بيد هذا الصغير بحجر أمه ؟

ربما كانت لعبة ... و لكن هذه الفتاة الواقفة أمامهما يتقدمها هلالٌ
و يستقدمها صليب !!!؟ ربما كان الماضي المسيحي لبعض سكان اسطنبول ، و هذا الجالس إلي أحد مقاعد الميدان باللوحة المجاورة و إلي جواره تري لفظ الجلالة مكتوباً من اليسار إلي اليمين _ إنها لوحات جميلة تأخذك إلي عالم ٍ خيالي تتمنى لو كان حقيقياً ، إذ عادة ما يذهب الفنان إلي تجميل الواقع و إن كنت أظن اسطنبول مدينة جميلة بالفعل __ ها قد فرغ الفنان من الظابط و علم بلاده و يبدو أننا سنعاود الإنطلاق
... لقد عاد ليقول لي.. ( ضــُلـْمـَة ) .. !! فأجبته بالعامية ( الظابط كلمك وحش يا فرغل )
و لكنه كان يعنى _ دولما بهجة _ المكان الذي سنذهب إليه... إسمع يا صديقي ... يمكنك أن تأتى الآن .. لقد عبرنا منطقة الخطر ... نحن الآن في شارع ِ لا أدري ما اسمه ؟ .. ولكن به مشربية مملوكية جميلة ... أظنها من آثار أجدادنا الصناع المصريين المهرة الذين استولي عليهم السلطان سليم الأول و نقلهم إلي اسطنبول عاصمة الخلافة التركية آنذاك و إلي قريب .. و لا يزال الكثير من الأتراك كما أري بعينى عبد الحفيظ يحلمون بأيام الخلافة .. أيام المجد و الفخار __ ربما كانت دقة ملاحظة هذا الفنان هي ما تشفع له فيما يختص بآلام قدمي من كثرة السير ..
.. ربما لا تعرف أننا قد قطعنا 35 شارعاً حتى الآن ... هل وصلت يا صاحبي ؟ _ جميل _ سأخبرك أين تنتظرنا ... فقط أري أين سيذهب بنا هذا التاكسي الذي يحادثه الفنان ؟ .. إنها فرصة كذلك لتستريح قدمي قليلاً .. أو هكذا كنت أظن
!! يمكنك القول أننا سرنا إلي جوار التاكسي نساوم سائقه علي أجرة الركوب حتى وصلنا إلي الشارع الذي نريد ... إنه شارع الحب في اسطنبول




و أرجو ألا تكون هذه القادمة هناك هي سيارة البوليس ... أود معرفة أشياء كثيرة عن الأتراك عامة و اسطنبول خاصة .. إن أرضية هذه الشارع حمراء بلون الحب
.. لقد تركتك تنتظر
.. لا تؤاخذنى ... ما رأيك أن تنتظرنا عند المسجد الأزرق ؟



إسمه الحقيقي مسجد السلطان أحمد ... و لكنه يدعي بهذا اللون _ و الآن ما رأيك في هذا الميدان الكبير ؟ .. كما تراه أمامك مقسوماً إلي نصفين ... الشرق عن يمينه و كما تراه كذلك عملاقاً في جسد و رأس و عقل تركيا و إلي اليسار تري تركيا الحديثة المتمسكة بالموروث الدينى و ما أظن هذا التغريب الذي تراه في هذه الحسناء التركية إلا شيئاً قد استشري في بلادنا كذلك ، ربما ستسعد لي إذا علمت أننا ركبنا شيئاً أخيرا يا صديقي __ إذا نظرت إلي أعلي يسار اللوحة ستراني و الفنان بهذا التلفريك

... نحن ذاهبون لرسم خريطة عملاقة لاسطنبول بها المعالم المميزة لها و يمكنك إلي أن نحضر إليك أن تبدأ أولاً من فضلك إلي تنبيه سائق هذا الترام إلي وجود خمس عجلات بالعربة الأولي إنه لن يسمعنى من هنا ... و نبّه عليه كذلك أن وصلتى الكهرباء أعلي عربتى الترام في نفس الإتجاه ... لن يستطيع العودة إذن !! .. شاكراً إن فعلت .. و الآن يمكنك أن تتأمل هذه اللوحات من مكانك هنا ... إتبع إشارة يدي يا صديقي _ هل تري هذه الجميلة المعطرة هناك ؟ .. أرجو ألا تنشغل بها ... و قبل أن تتعرّف إلي أحلام هؤلاء الفتيات الثلاث _ إن اليمنى تحلم بالهجرة و الوسطى ترغب في الزواج و الثالثة تعشق الرقص _ أريدك أن تعرف أن هذا العمود الأثري هذا إنما يرجع إلي ماضي اسطنبول البيزنطى
و كيف أنها كانت تدعي قديما القسطنطينية و ...ماذا تقول يا صاحبي ؟..!!! هذا الدبوس !!!؟ .. فرغلي يا صديقي
أشك أن فرغلي هو الذي وضعه بهذه اللوحة .... التشكيليون دائماً محل شك



... لقد فرغنا من اللوحة العملاقة و سنصل إليك بعد قليل ... أو إسمع .. يمكنك أن تذهب إلي أحد شواطئ الصيادين و ما أكثرها .. سنجدك لا تقلق ... نحن الآن عند اللوحة الخضراء و ما أظن هذه إلا كنيسة آيا صوفيا و التى تحولت فيما بعد إلي مسجد ثم انتهى بها المطاف إلي متحف( دولما بهجة ) ... لوددت الدخول لرؤية مقتنياته إلا أنها عجلة فرغلي و هرولته من شارع إلي شارع .. سأكره الشوارع بهذه الطريقة و هذه المرة أعتقد أننى علي صوابٍ و أنها سيارة البوليس تلك القادمة هناك و ما أسرع قدميك يا فرغلي و أنت تأخذنى إلي شارع ٍِ جانبي ... إنهم يبحثون عنه لم يجدوا إسمه بأي ٍ من فنادق اسطنبول ... لااااا ... إنه زقاق !!! أخيرا زقاق
و أخيراً بعض التغيير و أخيراً بائع الذرة المشوية و يا لقلبي الذي دب فيه الحنين إلي القاهرة ، أكاد أجزم أن هذا الرجل غير متزوج ... و إن كان متزوجاً فليكن الله في عون زوجته ،، لا أدري لماذا يهتم الفنان بملاحظة أحذية الأتراك !!! ربما يريد القول أنهم متعالون بعض الشئ ..
.. ماذا تقول يا صديقي ؟ ... تركت الشاطئ و أنت الآن عند عمود بيزنطى آخر ؟.. إنتظر ... هل أمامك زوجٌ و زوجته التى تحمل طفلهما ؟ هل هناك لفظ الجلالة مكتوبٌ علي صدر الزوج ؟ ...


جميل جداً ... إنظر خلفك يا صديقي ... هذا هو عبد الحفيظ مشغول برسم شارب عجيب لشاب تركي .... أين أنا !!!؟ ... أنا في القاهرة الآن يا صديقي ... لقد تعبت من الشوارع فذهبت لرؤية مضيق البوسفور و الكوبري الذي هناك كذلك قبل أن أعود ... سأخلد للنوم الآن ... و أظننى عشت مع فرغلي حلماً جميلاً سيلازمنى أثناء النوم لعدة أيام ِ أردد خلالها __ أمان ربي أمان __ .


الجمعة، 10 أبريل 2009
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)